اسم الكتاب : نزيف الحجر
اسم الكاتب : إبراهيم الكوني
عدد الصفحات : 161
#أدب_ليبي
أن يتّقد في صدرك شغف المعرفة فترحل من مكانك
إلى آخر لتعايش سكانه و تشاهد أفعالهم و انفعالاتهم و لغاتهم على اختلافها و تكتشف
معتقداتهم على تعددها و تستمر في المشاهدة و تستغرق ثم تنوي الرجوع ، في داخلك ما
يرفض ذلك فتعود و تتابع ، حتى يأزف وقت الرحلة بالانتهاء فتضطر للعودة لكنك تعود
محملاً بهدايا و عطايا ربما لم تحظى بها و مشاعر ربما لم تختبرها من قبل !!
و أن يفعل ذلك بك كتاب ،هذا أجمل و أعجب ما
في رحلتك !!
هذا ما فعله بي هذا الكتاب لأنهيه في يوم
واحد مما جعلني أنحني إجلالاً للكاتب إبراهيم الكوني لهذه القدرة الإبداعية
الفائقة و أفخر بقراءتي له ، إبراهيم الكوني: كاتب ليبي طارقي يؤلف في الرواية
والدراسات الأدبية والنقدية واللغوية والتاريخ والسياسة.
في هذه الرواية ذات المستويات المتعددة – الأخلاقية و الدينية و
الفلسفية- يبدع الكوني عالماً يوحد بين الواقعي و الأسطوري فيخرج بنا عن المعاني
المألوفة للأشياء و يضعنا في مواجهة الطابع المتناقض للإنسان : الجليل و الدنيء ،
البهي و القبيح ، البريء و القاتل.
بعد معايشة أحداث الرواية كاملة تذكرت قوله
تعالى : " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي
النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)
" سورة الروم
تستطيع و أنت تقرأ أن تقوم بالكثير من
الإسقاطات على الواقع الذي نعيشه رغم الأبعاد الزمنية التي يتحرك ضمنها الكاتب ،
عماد الرواية تلك الحادثة الأزلية بين قابيل و هابيل و ما جرّت خلفها ، صراع الدم
، الخير و الشر ، السلام و الحرب ، الغايات الطيبة و الوسائل المحرمة .
ذلك الكاتب الذي يعيش في سويسرا استطاع أن
يجعلك تشعر بلفح الصحراء و هجيرها ، بعطشها ، بجوعها ، بأحوالها و أهوالها . تحمل
الرواية معانٍ عميقة جداً و كأنه يختبرك فيها لتتعرف على نفسك و أين تتجه ؟ أن
تكتشف تواصلك مع ذاتك ؟ انسجامك مع عالمك و ما حولك ؟ ما هي قيمك و كيف تمارسها في
الحياة ؟ ما الذي يجعلك تصمد ؟
" بين الموت و الحياة مسافة قد يعود
منها المخلوق إلى الحياة ، و قد يعبرها إلى الموت يمضي إلى العدم و الظلمات "
" أوصيك بالصبر، كيف تستقيم الصحراء
بدون صبر؟ عليك بالصبر و الحيلة فهما سر الصحراء"
" لم يستطع يومها أن يفهم هذه اللغة،
كيف يكون الله الكبير العظيم القادر على كل شيء في القلب الصغير المسجون في قفص
الصدر ؟ " .
رهيف السريحيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق